الأربعاء، 14 أغسطس 2013

عبقرية الرئيس محمد أنور السادات



بقلم عمرو صابح

يعتـقد البعض خاصة من المصريين ، إن الرئيس الراحل أنور السادات، كان رجلا عبقريا ، بالغ الذكاء ، سابقا لعصره وداهية سياسى ، ومما ساعد على ترسيخ تلك الاعتقادات الباطلة ، إن النظام الحاكم فى مصر منذ اغتيال السادات فى 6 أكتوبر 1981 يتبع نفس سياسات السادات داخليا وخارجيا ، وبالتالى من مصلحة هذا النظام أن يدافع عبر أبواقه الإعلامية عن الخط السياسى للسادات ، كما ساعد على الترويج لخرافة عبقرية السادات فشل سوريا فى استرجاع أراضيها المحتلة وتأزم القضية الفلسطينية ، مما جعل البعض يردد ، إن السوريين والفلسطينيين لو أتبعوا خط السادات كانوا سوف يستردون أراضيهما المحتلة أيضا ، كما فعل السادات لمصر ، وليس ذلك صحيحا لأن إتباع الرئيس السادات للحل الجزئى ورهانه على الدور الأمريكى فى حل الصراع العربى الإسرائيلى هو السبب الرئيسى فى تأزم التسوية الشاملة وضياع أراضى السوريين والفلسطينيين .

وجاء إنتاج الحكومة المصرية للفيلم السينمائى (أيام السادات) ليساهم فى زيادة الإحساس بعبقرية السادات ، فالفيلم المأخوذ عن مذكرات السادات ( البحث عن الذات ) ، ومذكرات جيهان السادات (سيدة من مصر) ، قدم صورة بطولية رائعة للرئيس الراحل ، وفى أمة لا تقرأ ، وتتعرض لعمليات منتظمة من تجريف الذاكرة الوطنية ، أصبح هذا الفيلم الذى يقدم وجهة نظر السادات وقرينته فى التاريخ هو المرجع التاريخى للأجيال الشابة فى مصر التى لا تقرأ ، ويقدم لها فى المدارس تاريخ مزور وغير حقيقى.

فى هذه الدراسة وعبر قراءة جديدة للتاريخ ، سوف نوضح حقيقة كم كان الرئيس الراحل عبقريا وسابقا لعصره وداهية سياسى ، وسوف نقتصر فى بحث جوانب عبقريته المزعومة على جانبين فقط .... كيف حارب فى أكتوبر 1973 ؟ وكيف تـفاوض بعد الحرب حتى وصل إلى اتفاق فك الاشتباك الثانى على الجبهة المصرية؟

((السادات محاربا)):

توفى الرئيس جمال عبد الناصر فى 28 سبتمبر 1970 تاركا للسادات ، الجيش الذى تمت عملية إعادة بناءه من الصفر عقب هزيمة 1967 ، وخاض هذا الجيش حرب الاستنزاف التى تعتبر الحرب الرابعة بين العرب وإسرائيل ، وهى الحرب التى أعترف قادة إسرائيل أنفسهم بالهزيمة فيها .

كما ترك عبد الناصر لمصر حائط الصواريخ الشهير على الحافة الغربية لقناة السويس ، وكان وقتها أكبر حائط صواريخ فى العالم ، وبوجوده تم تأمين سماء مصر من غارات الطيران الإسرائيلى ، وأصبح العبور للضفة الشرقية ، وبدء المعركة مسألة وقت ، كان عبد الناصر يرى أنها لن تتأخر عن ربيع عام 1971 ، وترك عبد الناصر الخطة جرانيت والتى صدق عليها قبيل وفاته المفاجئة ، والتى تتضمن ثلاث مراحل تبدأ: ـ بعبور القناة ـ وإقامة رؤوس لخمسة كبارى ، ـ ثم الوصول إلى منطقة المضايق الحاكمة بسيناء ، ـ ثم الوصول إلى خط الحدود مع فلسطين المحتلة . كما ترك عبد الناصر الخطة 200 التى تحسبت لهجوم مضاد للعدو فى منطقة المفصل الحرج بين الجيشين الثانى والثالث ، حددت الخطة مكانه عند البحيرات المرة فى منطقة الدرفسوار ، وهو ماحدث للأسف فى حرب أكتوبر عقب قرار السادات المتأخر بتطوير الهجوم يوم 14 أكتوبر 1973 .

وترك عبد الناصر طائرة الميراج الرادعة التى أشتراها العقيد القذافى لمصر من فرنسا و قوارب العبور التى كان يتم التدريب على خطط العبور عليها كما ترك عبد الناصر اقتصاد مصرى قوى يحقق معدلات نمو 7% سنويا بشهادة البنك الدولى . وترك لمصر السد العالى أهم وأعظم مشروع هندسى و تنموى فى القرن العشرين باختيار الأمم المتحدة عام 2000 . رفض الرئيس عبد الناصر رفضا باتا أى حل جزئى للصراع العربى الإسرائيلى ، ورفض عرض ليفى أشكول رئيس وزراء إسرائيل بعودة سيناء إلى مصر عام 1968 مقابل سلام منفرد مع اسرائيل وأصر على عودة كل الأراضى العربية المحتـلة معا.

كما أستطاع عبد الناصر تعبئة الأمة العربية للحرب القادمة مع العدو الإسرائيلى وراعيه الأمريكى . هذه كانت أوضاع مصر يوم رحيل الرئيس عبد الناصر عن الحياة فى 28 سبتمبر1970 بدأ الرئيس السادات حكمه بالإطاحة بكل رفاقه فى الحكم فى مايو 1971 إثر اعتراضهم على فردية حكمه ، وتأجيله لقرار الحرب والذى كان تخطيط الرئيس عبد الناصر أنه يجب ألا يتأخر عن ربيع عام 1971 بعدما أكتمل الاستعداد للمعركة ، وفى ظل تفوق القوات المصرية بالنسبة للإسرائيلية ، كما يروى الفريق محمد فوزى فى مذكراته ، ولاعتراض المجموعة المعروفة بمجموعة مايو المتكرر على سياساته المناقضة لمبادئ ثورة 23 يوليو ، وعقب تقديم أفراد المجموعة لاستقالاتهم ، قام بالقبض عليهم ولفق لهم قضية انقلاب على الشرعية وأودعهم السجون.

ومن سخرية القدر أن الفريق محمد فوزى الرجل الذى أعاد بناء الجيش المصرى مع الرئيس عبد الناصر يتم سجنه فى القضية الملفقة . بدأ السادات محاولاته للبحث عن حل سلمى للقضية عبر الاتصال بالأمريكان وبتشجيع من السعوديين وعبر عدة زيارات مبكرة ومتكررة للسيد كمال أدهم المشرف على المخابرات السعودية ، والمقرب من الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز والذى نصح السادات بالبحث عن حل سلمى برعاية أمريكية كما نصحه بالتخلص من السوفيت حتى يلتفت الأمريكان للحل فى المنطقة ، وصارحه الرئيس السادات أنه مستعد لطرد السوفيت إذا ساعده الأمريكان على تحقيق مرحلة أولى من الانسحاب من سيناء ، وفى شهر يونيو 1972 ، زار وزير الدفاع السعودى الأمير سلطان بن عبد العزيز ، ومعه السيد كمال أدهم القاهرة ، وأثاروا مع الرئيس السادات موضوع الخبراء السوفيت الذى يعيق الأمريكيين عن التدخل لحل القضية ، وطلب السعوديون من السادات أن يخبرهم بقراره بخصوص السوفيت قبل اتخاذه لكى يستطيعوا مساومة الأمريكان به بما يخدم المصالح العربية ، ولكن السادات منفردا وبدون التشاور مع أحد غير الفريق صادق وزير الحربية المصرى وقتها ، أتخذ قراره المفاجئ بالاستغناء عن خدمات الخبراء السوفيت فى مصر ، ولحرص الرئيس السادات على سرية قراره و رغبته فى إحداث أكبر تأثير فأنه فاجأ الجميع بالقرار ، وهو يتصور أن الأمريكيين سوف يكونوا سعداء ، إلى درجة تدفعهم إلى الاستجابة لأى شئ يطلبه ، ولكن هذا لم يحدث ، يقول هنرى كيسنجر فى مذكراته ( لماذا لم يقل لنا السادات ما كان ينوى فعله ؟ ربما لو أبلغنا مسبقا لكنا قدمنا له شيئا فى المقابل ؟ فى السياسة كما فى كل شئ أخر ، فأن لا أحد مستعد لدفع ثمن لشئ حصل عليه بالفعل) .

وكان تعليق الزعيم السوفيتى بريجنيف على قرار السادات ( لقد حقق السادات للأمريكيين أشد أحلامهم جموحا دون ثمن ) الغريب أن الدكتور محمود فوزى وزير خارجية ورئيس وزراء مصر الأسبق يروى فى مذكراته أنه كان هناك تفاهم بين الرئيس عبد الناصر و الرئيس اليوغوسلافى تيتو على إن اتخاذ مصر لخطوة مثل إخراج السوفيت من المنطقة لن تمررها مصر إلا بمقابل إجبار الولايات المتحدة لإسرائيل على الانسحاب من الأراضى العربية المحتلة فى إطار حل شامل للصراع العربى الاسرائيلى ، لأن غرض الرئيس عبد الناصر الحقيقى من وجود الخبراء السوفيت كان رفع مستوى المواجهة من المستوى الأقليمى بين العرب و إسرائيل إلى المستوى العالمى بين الاتحاد السوفيتى و الولايات المتحدة ، لذلك تبدو علاقة السادات بالسوفيت من أكثر العلاقات تعقيدا ، فالحقائق والأرقام تثبت قيام الأتحاد السوفيتى بتسليح مصر وسوريا والعراق والجزائر واليمن وليبيا بكميات ضخمة من الأسلحة الحديثة والمتطورة والتى خاض بها العرب كل حروبهم ضد اسرائيل ، وقد عوض الأتحاد السوفيتى مصر عن خسائرها التى بلغت 80% من معدات جيشها فى حرب 1967 ، وساعد السوفيت الرئيس عبد الناصر على اعادة بناء الجيش المصرى من الصفر ، بل أنه خلال المرحلة الأخيرة من حرب الاستنزاف تولت قوات سوفيتية من كتائب صواريخ وطيارين مع القوات المصرية حماية سماء مصر من غارات العدو ، واقامة حائط الصواريخ على حافة الضفة الغربية لقناة السويس ، وفى عهد السادات واصل الأتحاد السوفيتى دعمه بالسلاح لمصر عبر صفقات ضخمة للتسليح فى أكتوبر 1971 ، ومايو 1972 ، ومارس 1973 ، وتميزت هذه الصفقات بدخول نوعيات متطورة من المعدات العسكرية ، مثل الدبابة ت 62 ، والعربة المدرعة المتطورة و المدفع الميدانى طويل المدى سكود ، ووحدات الصواريخ سام 6 المتحرك ضد الطيران المنخفض و المتوسط ، والطائرة السوخوى 9 ، 17 ، والطائرة الميج 23 ، والصواريخ سام 3 وسام 6 وسام 7 المعدل ، وفى أثناء حرب أكتوبر بدأت الإمدادات العسكرية السوفيتية لمصر وسوريا مبكرا عن طريق الجسر الجوى اعتبارا من يوم 9 أكتوبر 1973 ، بعدد 900 رحلة حملت حوالى 15000 طن معدات وأسلحة ، وعن طريق النقل البحرى اعتبارا من 9 أكتوبر 1973 ، وصلت لمصر و سوريا معدات وأسلحة تزن 63000 طن ، مما يجعل المساعدات السوفيتية للدولتين خلال فترة الحرب 78000 طن ، كما وصل من الاتحاد السوفيتى يوم 9 أكتوبر 1973 عدد 4 طائرات ميج 25 وتمركزت فى مطار غرب القاهرة ومعها 400 فرد سوفيتى من طيار و فنى و ادارى وذلك لردع اسرائيل عن القيام بأى هجوم جوى على الجبهة الداخلية ، كما وصل فى نفس اليوم 2 مدفع ميدانى صواريخ أرض / أرض طويل المدى سكود بمدربين سوفيت ، ووصل يوم 12/10/1973 اللواء الثالث صواريخ سام 6 .

لم يقصر الاتحاد السوفيتى فى إمداد مصر بكميات هائلة من العتاد والسلاح بأسعار رخيصة بل أن أغلبها لم يسدد ثمنه ، كان هذا كله يتم فى إطار الإستراتيجية العالمية للدولة السوفيتية كقوى عظمى فى أهم منطقة إستراتيجية فى العالم ، ورغم ذلك قام السادات بإشاعة أكاذيب وخرافات عن التقاعس السوفيتى عن إغاثة مصر فى المعركة ، وكلها أكاذيب أراد الترويج لها لتبرير الحل الذى كان فى رأسه للقضية ، وهى تشبه أكذوبته عن صديقه شاه إيران محمد رضا بهلوى ، الذى تثبت كل الوثائق أنه هو الذى قام بتزويد إسرائيل بكل طلباتها من البترول منذ نشأة الدولة اللقيطة عام 1948 وحتى أطاحت به الثورة الإيرانية عام 1978 ، كما أن كيسنجر يثبت فى مذكراته رفض الشاه عبور الجسر السوفيتى لنجدة مصر وسوريا أثناء حرب 1973 سماء إيران ، حتى لا يصل لهم مما يتيح وقتا أطول وظروف أفضل لإسرائيل ، ربما كان الشاه صديقا للسادات لأسباب لا نعلمها ولمصالح بينهما ، ولكنه لم يكن أبدا صديقا للعرب ، وفى يوم 26 مايو 1972 يقيل السادات وزير الحربية الفريق محمد صادق ومساعده وقائد البحرية وقائد المنطقة العسكرية المركزية ومدير المخابرات ويطردهم جميعا من مناصبهم ، كان الخلاف قد تفجر بين الرئيس السادات وهؤلاء القادة قبلها بيومين فى اجتماع مجلس الأمن القومى ، عقب عرض الرئيس لفكره بخصوص حرب محدودة ، تجعلنا نكسب عشرة ملليمترات على الضفة الشرقية لقناة السويس ، يبدأ بعدها عملية التفاوض السياسى ، وعندما رفض القادة فكرته ، واحتدت المناقشة ، أنهى الرئيس الاجتماع غاضبا ، وأقالهم بعدها بيومين ، وقام بتعيين الفريق أحمد إسماعيل وزيرا للحربية ، والفريق سعد الدين الشاذلى قائد عام للجيش ورئيسا للأركان ، واللواء محمد عبد الغنى الجمسى رئيسا لهيئة العمليات.

إثر فشل كل محاولات الرئيس السادات للحل السلمى ، وجاهزية القوات المسلحة التامة لبدء الحرب ، وتململ الشعب المصرى ، وزيادة التظاهرات المناهضة لحكمه وسياساته داخل مصر، أتخذ الرئيس السادات أخيرا قراره بشن الحرب ، بالتنسيق مع الرئيس السورى الراحل حافظ الأسد ، أتفق الرئيس السادات مع الرئيس الأسد قبل بدء الحرب ، على أن خطة الجيش المصرى هى الخطة جرانيت الموروثة عن الرئيس عبد الناصر ، والتى حددت الهدف النهائى للحرب ، فى وصول القوات المسلحة المصرية إلى خط الحدود الدولية بين مصر و فلسطين المحتلة ، وأتفق مع الرئيس الأسد أن الوقفة التعبوية للقوات المصرية ستكون عند الوصول إلى منطقة المضايق الجبلية فى سيناء ، بينما كان السادات متفقا مع قادة الجيش المصرى على تنفيذ الخطة (جرانيت 2 ) المعدلة ، والتى تم توزيعها على القوات المصرية والتى تختلف عن الخطة المتفق عليها مع السوريين ، وتنقسم الخطة جرانيت 2 إلى مرحلتين ، المرحلة الأولى تتمثل فى العبور و اتخاذ مواقع دفاعية شرق القناة بعمق 10 -12 كم . (( المرحلة الثـانية الوصول إلى خط المضايق الجبلية (إن أمكن) ، )) : وكان رأى السوفيت الذين أمدونا بالسلاح منذ صفقة الأسلحة عام 1955 و حتى حرب أكتوبر 1973 وعاونونا فى وضع الخطة جرانيت ، أن هدف القوات المصرية المبدئى يجب أن يكون احتلال المضايق الجبلية وتأمينها كنقطة ارتكاز للهجوم حتى خط الحدود الدولية ، وان إمكانيات القوات المسلحة المصرية وقدراتها قادرة على إنجاز ذلك ، وفى ظهيرة يوم السبت 6 أكتوبر 1973 ، بدأت الحرب الخامسة بين العرب و إسرائيل ، ومع فجر 7 أكتوبر 1973 كانت القوات المسلحة المصرية قد حققت المعجزة فقد قامت بتحطيم معظم النقاط الحصينة فى خط بارليف ، وعبر إلى الضفة الشرقية لقناة السويس 70 ألف مقاتل مصرى ، وكانت خسائر مصر 5 طائرات ، و 20 دبابة ، و280 شهيدا ، كان ذلك إعجازا بشريا بكل المقاييس ، ولم يكن ليتحقق لولا التحالف والتنسيق المصرى السورى لأن الطيران الإسرائيلى ركز حوالى 80% من قوته على الجبهة السورية لمنع الاندفاع السورى نحو إسرائيل وذلك لقرب العمق الإسرائيلى من الجبهة السورية ، بينما عمل بحوالى 20% من قوته على الجبهة المصرية وذلك لوجود عمق إستراتيجى كبير له ممثل فى صحراء سيناء يمنع القوات المصرية العابرة من تهديد العمق الإسرائيلى .

يكفى أن نعلم أنه كان متوقعا أن تفقد مصر فى عملية العبور فقط 26000 ألف شهيد ، أما خسائر إسرائيل فبلغت 30 طائرة ، و300 دبابة ، وعدة مئات من القتلى ، وآلاف الجرحى ، وفى صباح يوم 7 أكتوبر 1973 ، ولم يكن مضى على بدء المعارك أكثر من عشرين ساعة ، وتحقيق القوات المصرية تلك الانتصارات الساحقة ، بعث الرئيس السادات برسالة إلى وزير خارجية الولايات المتحدة هنرى كيسنجر ، وقد وقعها السيد حافظ إسماعيل مستشار الرئيس للأمن القومى ، جاء فيها بالنص فى البند رقم 6 من الرسالة ( أننا لا نعتزم تعميق مدى الاشتباكات أو توسيع مدى المواجهة ) ، يقول الأستاذ محمد حسنين هيكل الذى نشر النص الكامل للرسالة فى كتابه ( أكتوبر 73 السلاح و السياسة ) أنها كانت أول مرة فى التاريخ يقول فيها طرف محارب لعدوه نواياه كاملة ، ويعطيه من التأكيدات ما يمنحه حرية الحركة فى معركته السياسية و العسكرية ، وقد قام كيسنجر بنقل هذه الرسالة فور وصولها له إلى جولدا مائير رئيسة وزراء اسرائيل ، ترتب على هذه الرسالة المشئومة أن قام الجيش الاسرائيلى بالتركيز على الجبهة السورية بعد اطمئن قادته لنوايا مصر ، ليسترد المبادرة على الجبهة السورية ، ثم يعود بعدها للجبهة المصرية .

وبالفعل ركز الإسرائيليين جهودهم الحربية لمدة 48 ساعة على الجبهة السورية لقربها من عمق إسرائيل والمواقع الحساسة فيها ، وساعدهم على ذلك أن الجبهة المصرية وبعد نجاح عملية العبور العظيم ، تفرغت لتثبيت رؤوس الكبارى على الضفة الشرقية ، تعتبر هذه الرسالة المشئومة ولغز عدم ضرب مطار العريش الذى أستقبل الجسر الجوى الأمريكى لنجدة اسرائيل منذ بدء الحرب ولم يتم ضربه وتدميره بالطيران المصرى طيلة زمن الحرب وهو شريان الحياة لقوات العدو من أغرب ألغاز حرب أكتوبر؟!

ورغم كل نصائح السوفيت للسادات بضرورة تقدم المدرعات المصرية إلى خط المضايق فى وسط سيناء عقب نجاح العبور ، و التى وصلت إلى حد أن الزعيم السوفيتى ليونيد بريجنيف أرسل للرئيس السادات رسالة يوم 8 أكتوبر يقول له فيها ( أطلق المدرعات إلى المضايق ) ، إلا أن الرئيس السادات ظل عند تعهده لكيسنجر فى رسالته المشئومة يوم 7 أكتوبر ، كان إطلاق المدرعات إلى المضايق عنصر متفق عليه فى الخطة مع السوريين كما أنه يعطى القوات المصرية مواقع دفاعية طبيعية أفضل وأقوى من أى تحصينات لتدعيم رؤوس الكبارى على الضفة الشرقية للقناة كما أنه يخفف الضغط عن سوريا .

يقول المشير الجمسى فى مذكراته صفحة 383 ، إن يوم 9 أكتوبر كان اليوم المحدد لتطوير الهجوم المصرى نحو المضايق حتى لا تنتقل المبادأة إلى جانب العدو ، ولسوء أوضاع العدو النفسية وقدراته القتالية إثر صدمة العبور ، ولكنه عندما ناقش المشير أحمد إسماعيل فى الأمر رفض الأخير ذلك ، وفضل الدفاع عما تحقق من مواقع ثابتة وعدم المغامرة بتطوير الهجوم ، وتم إصدار أمر السادات باتخاذ القوات المصرية لوقفة تعبوية ، وفى يوم 11 أكتوبر قرر الرئيس السادات منفردا تطوير الهجوم نحو المضايق باستخدام فرقتى الاحتياطى اللتين كانتا طبقا للخطة 200 الموروثة من عبد الناصر ، تستعدان غرب القناة لرد أى محاولة إسرائيلية للعبور غرب القناة ، ورغم رفض الفريق سعد الدين الشاذلى رئيس الأركان المصرى القرار ، وتنبيهه لعواقبه ، ورفض قادة الجيشين الثانى والثالث اللواء سعد مأمون واللواء عبد المنعم واصل للقرار وتنبيههما على كونه سيمثل كارثة للقوات المصرية وأنه لو تم سيكشف عمق الجبهة المصرية دون مبرر كما أنه لن ينجد سوريا ، لأنه قرار متأخر عن موعده والعدو سوف يدمر قوات الهجوم أصر الرئيس السادات على قراره.

وبعد تفجر الخلافات بين القادة أمام إصرار الرئيس السادات على تنفيذ القرار تأخر تنفيذ القرار حتى صباح يوم 14 أكتوبر ، بدأ الهجوم المصرى نحو المضايق يوم 14 أكتوبر فى الساعة السادسة صباحا وعندما جاءت الساعة الثالثة بعد الظهر ، طلب الفريق أحمد إسماعيل من الرئيس السادات إيقاف الهجوم لأن خسائر مصر من الدبابات قد وصلت إلى 240 دبابة ، كان ذلك يفوق الاحتمال ، كان العدو قد تمكن من تثبيت الجبهة السورية بل و أصبح يهدد دمشق ذاتها ، وكانت القيادات الإسرائيلية تعد لبدء هجومها المضاد على الجبهة المصرية وتنتظر الهجوم المصرى على المضايق ، وفور فشل الهجوم المصرى ، بدأ العدو هجومه المضاد بعبور قواته للمفصل الحرج بين الجيشين الثانى والثالث ، ونتيجة لعدم التنبه المبكر لخطورة الثغرة ، والخلاف بين وزير الحربية أحمد إسماعيل ورئيس الأركان الشاذلى حول أسلوب تصفيتها عبرت للعدو خلال يومين 760 قطعة مدرعة ما بين دبابات وعربات مصفحة إلى غرب القناة ، حتى وصلت القوات الإسرائيلية غرب القناة إلى لواءين مدرعين ، ولواءين من المشاة الميكانيكية. وعندما طلب الفريق الشاذلى رئيس الأركان من الرئيس السادات الاستعانة بأربعة ألوية مدرعة من الشرق لإبادة الثغرة فى الغرب ، رفض الرئيس السادات ذلك وقرر عزله من منصبه ، ترتب على قرار الرئيس السادات بعدم المناورة بالقوات وتنفيذ خطة الشاذلى للقضاء على الثغرة ، إخفاق اللواء المدرع المصرى 116 مشاة المتقدم من الغرب إلى الشرق بسد الثغرة ، نظرا للتفوق الاسرائيلى غرب القناة نفسها ( لواء مدرع + لواء مشاة ) ، تم تدمير اللواء المدرع المصرى 25 فى مواجهة غير متكافئة نهائيا ، بينه وبين ثلاثة ألوية إسرائيلية مدرعة جنوب الثغرة على الشاطئ الشرقى لرأس البحيرات المرة ، ووقع اللواء فى كمين نصبته فرقة شارون فتمت إبادته.

فيما راح اللواء عبد المنعم واصل قائد الجيش الثالث الذى كان يتابع المعركة يصرخ على جهاز الاتصال بينه وبين الفريق الشاذلى ( لا حول و لاقوة إلا بالله ، الرحمة للشهداء ، والله المستعان ) ،ويقول الفريق الشاذلى فى مذكراته أنه بكى عند سماعه صراخ اللواء واصل ،لإدراكه خطأ العملية منذ البداية ، عندما سمع اللواء سعد مأمون قائد الجيش الثانى أنباء فشل الهجوم ومالحق بالقوات من خسائر ،أصيب بنوبة قلبية وتم نقله إلى المستشفى العسكرى فى القاهرة ، سارت معركة الثغرة وفق أوامر السادات الذى سبق له أن وعد القادة العسكريين بعدم التدخل فى الخطط العسكرية ، لذا لم يكن غريبا أن يقول المشير الجمسى فى مذكراته ( لقد خذل العمل السياسى العمل العسكرى فى حرب أكتوبر ) ، كما يتهم الفريق الشاذلى رئيس الأركان المصرى الرئيس السادات بالتهم التالية وهذا نص اتهامه المنشور فى خطاب الفريق الشاذلى إلى النائب العام ، وفى مذكراته : ـ الإهمال الجسيم : وذلك انه بصفته رئيسا للجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية ،أهمل في مسئولياته إهمالا جسيما وأصدر عدة قرارات خاطئة تتعـارض مع التوصيات التي أقرها القادة العسكريون، وقد ترتب على هذه القرارات الخاطئة ما يلي : أ ) ـ نجاح العدو في اختراق مواقعنا في منطقة الدرفسوار ليلة 15/16 أكتوبر 73 في حين انه كان من الممكن ألا يحدث هذا الاختراق إطلاقا.

ب ) ـ فشل قواتنا في تدمير قوات العدو التي اخترقت مواقعنا في الدفرسوار، فى حين أن تدمير هذه القوات كان في قدرة قواتنا، وكان تحـقيق ذلك ممكنا لو لم يفرض السادات على القادة العسكريين قراراته الخاطئة.

ج ) ـ نجاح العدو في حصار الجيش الثالث يوم 23 من أكـتوبر 73، في حين أنه كان من الممكن تلافي وقوع هذه الكارثة. ـ تـزييف التـاريخ : وذلك انه بصفته السابق ذكرها حاول و لا يزال يحاول أن يزيف تاريخ مصر، ولكي يحقق ذلك فقد نشر مذكراته في كتاب اسماه ( البحث عن الذات ) وقد ملأ هذه المذكرات بالعديد من المعلومات الخاطئة التي تظهر فيها أركان التزييف المتعمد وليس مجرد الخطأ البريء. ـ الكذب : وذلك انه كذب على مجلس الشعب وكذب على الشعب المصري في بياناته الرسمية وفي خطبه التي ألقاها على الشعب أذيعت في شتى وسائل الإعلام المصري. وقد ذكر العديد من هذه الأكاذيب في مذكراته ( البـحث عن الذات ) ويزيد عددها على خمسين كذبة، اذكـر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي: أ ) ـ ادعاءه بـان العدو الذي اخـترق في منطقـة الدفرسوار هو سبعة دبابات فقط واستمر يردد هذه الكذبة طوال فترة الحرب. ب) ـ ادعاءه بأن الجـيش الثالث لم يحاصر قط في حين أن الجيش الثالث قد حـوصر بواسطة قوات العدو لمدة تزيد على ثلاثة أشهر. ـ الادعاء الباطل : وذلك انه ادعى باطلا بأن الفريق الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية قد عاد من الجبهة منهارا يوم 19 من أكتوبر 73، وانه أوصى بسحب جميع القوات المصرية من شرق القناة، في حين انه لم يحدث شيء من ذلك مطلقا. ـ إساءة استخدام السلطة :

وذلك أنه بصفته السابق ذكرها سمح لنفسه بان يتهم خصومه السياسيين بادعاءات باطلة، واستغل وسائل إعلام الدولة في ترويـج هذه الادعاءات الباطلة. وفي الوقت نفسه فقد حرم خصومه من حق استخـدام وسائل الإعلام المصرية التي تعتبر من الوجـهة القانونية ملكا للشعب للدفاع عن أنفسهم ضد هذه الاتهامات الباطلة.

ثـانيا : إني أطالب بإقامة الدعوى العمومية ضد الرئيس أنور السادات نظير ارتكابه تلك الجرائم ونظرا لما سببته هذه الجرائم من أضرار بالنسبة لأمن الوطن ونزاهة الحكم.، هكذا أتهم الفريق الشاذلى الرئيس السادات عما وصفه بأخطائه فى حرب أكتوبر، يوم 16 أكتوبر يتوجه الرئيس السادات ومعه الفريق أحمد إسماعيل وزير الحربية إلى مجلس الشعب ويلقى الرئيس خطابا شدد فيه على التزامه بقرارات مجلس الأمن الدولى ، وعلى رغبته فى السلام وطرح مشروعا للسلام ، فى الوقت الذى كان الرئيس يلقى فيه خطابه ويبدى رغبته فى السلام كانت الثغرة تتسع على الجبهة وتدفق قوات العدو يزداد على الضفة الغربية للقناة ، وللتشويش على خطابه قامت جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل بإلقاء خطاب متزامن مع خطابه ، قالت فيه أن قوات جيش الدفاع الإسرائيلى تقاتل ببسالة شرق القناة فى أسيا وغرب القناة فى أفريقيا. وفى نفس يوم 16 أكتوبر يدخل سلاح البترول إلى المعركة حيث صدر قرار الدول العربية البترولية بخفض إنتاجها بنسبة 5% فورا ، ويستمر الخفض بهذه النسبة شهريا ، وربطت الدول العربية إلغاء القرار بانسحاب إسرائيل من الأراضى العربية المحتلة ، ويوم 17 أكتوبر تعلن السعودية أنها ستخفض إنتاجها بنسبة 10% ، وفى يوم 20 أكتوبر أعلنت الولايات المتحدة أنها ستدعم إسرائيل بمبلغ 2 مليار و100مليون دولار كشحنات أسلحة جديدة ، وفى نفس اليوم ردا على ذلك القرار أعلنت الدول العربية حظر تصدير بترولى كامل على الولايات المتحدة الأمريكية ، رغم تفوق القوات الإسرائيلية المهاجمة عبر الثغرة لم تتمكن القوات الإسرائيلية المندفعة سوى فى احتلال بضعة كيلومترات ولم تفلح القوات الإسرائيلية فى إحكام الطوق على الجيش الثالث المصرى وحصاره حصارا كاملا وقطع خطوط مواصلاته ، إلا بعد أن خرقت قرار وقف إطلاق النار الذى وافق عليه الرئيس السادات فى 22 أكتوبر 1973 ، بل أن وحدات المقاومة الشعبية المصرية وتشكيلات من المشاة المصرية نجحت فى إيقاف التقدم الاسرائيلى نحو مدينة السويس ، وظلت القوات الإسرائيلية خارج المدينة ، انتهت المعارك بقرار وقف إطلاق النار يوم 22 أكتوبر 1973 ، الذى لم تلتزم به إسرائيل كعادتها فى كل حروبها.

وسعت إلى محاصرة الجيش الثالث تمهيدا للقضاء عليه ، أو لاتخاذه كورقة تفاوضية مقبلة ، ورغم تفوقها فى القوات ورغم الدعم الأمريكى السافر، فشلت فى تحقيق هدفها وأصبحت قواتها أيضا محاصرة مع القوات المصرية ، خلال المعركة تم عبور 150 ألف مقاتل مصرى و 1200 دبابة و 2000 قطعة مدفعية إلى سيناء وتمركزوا على طول الضفة الشرقية بعمق من 10 ـ 12 كم ، بينما ، تم تدمير ربع طائرات إسرائيل ، وثـلث مدرعاتها, امتدت قوات الجيش الإسرائيلى على مسافة 1500 كم من مشارف دمشق وحتى الكيلو 101 على طريق السويس ـ القاهرة الصحراوى ، وكان ذلك يمثل عامل تهديد لأمن إسرائيل القومى لو لم يوافق السادات منفردا ودون إخطار شريكه فى المعركة الرئيس السورى حافظ الأسد على قرار وقف إطلاق النار. لأن استمرار حالة التعبئة فى اسرائيل يؤدى إلى شلل تام فى كافة المرافق و المصانع والهيئات الإسرائيلية لكن احتلال اسرائيل لأراضى عربية جديدة لم يخفى حقيقة الهزيمة الساحقة التى تلقتها فى بداية المعركة ، كما أن هالة الجيش الذى لا يقهر تم نسفها للأبد ، أثبتت المعركة كفاءة المقاتل العربى طالما توافرت له الظروف الطبيعية للقتال، خاصة فى بداية المعركة ، وحتى مع تضارب الخطط والقرارات أثناء المعارك ، فأن معدن المقاتل العربى لم يتأثر بل ازداد صلابة وقدرة على الصمود والتحدى. 2 ـ (( السادات مفاوضا )) : بقبول الرئيس السادات منفردا بدون التشاور مع حليفه الرئيسى فى المعركة الرئيس السورى حافظ الأسد ، لقرار وقف إطلاق النار، فأنه وضع كل رهاناته فى سلة وزير الخارجية الأمريكى هنرى كيسنجر، وبعد زيارة كيسنجر إلى اسرائيل يوم 22 أكتوبر 1973، ولقائه بقادة اسرائيل ، رصد كيسنجر مدى عمق الصدمة التى تلقاها الإسرائيليون فى الحرب ، ويقول فى مذكراته إن اسرائيل كانت على وشك الانكسار نتيجة فداحة الهزائم فى بداية الحرب ، وان القادة الإسرائيليين الذين قابلهم قد فقدوا ثقتهم بأنفسهم، ولكنه خرج من لقائه معهم بطلب من جولدا مائير رئيسة وزراء اسرائيل بعودة الأسرى الإسرائيليين ، وان الجيش الاسرائيلى يحتاج إلى ثلاثة أيام أخرى لكى يحقق أهدافه على الجبهة المصرية ويستكمل حصاره للجيش الثالث، وعد كيسنجر بمساعدة إسرائيل ومنحها الوقت اللازم لاستكمال أهدافها العسكرية ، وطالب القادة الإسرائيليين بالإسراع فى تنفيذ أهدافهم على الجبهة المصرية.

بدأت القوات الإسرائيلية محاولاتها للسيطرة على مدينة السويس والاندفاع إلى ميناء الأدبية ، وتطويق وحصار الجيش الثالث المصرى ، ويرسل الرئيس السادات عدة رسائل إلى كيسنجر ، وإلى الرئيس الأمريكى نيكسون يناشدهما إجبار إسرائيل على فبول وقف إطلاق النار دون جدوى ، لأن الولايات المتحدة الأمريكية كانت ملتزمة بموقفها تجاه اسرائيل بإنهاء المعركة من مركز قوة وضغط على الجيش المصرى ، وهنا يعود الاتحاد السوفيتى للتدخل ، فيصدر الزعيم السوفيتى ليونيد بريجنيف بيانا يوم 24 أكتوبر فحواه أن الاتحاد السوفيتى سيتدخل منفردا لضمان وقف إطلاق النار الكامل واحترام قرارات مجلس الأمن ، كما قام بريجنيف بإرسال رسالة مباشرة إلى نيكسون يطالبه فيها بضرورة تطبيق قرار وقف إطلاق النار ، وإزاء تصاعد الأزمة بعد التدخل السوفيتى الذى عززه صلابة أبطال القوات المسلحة المصرية والمقاومة الشعبية فى التصدى لأهداف الجيش الاسرائيلى ، تم تثبيت وقف إطلاق النار فى الأيام الأخيرة من شهر أكتوبر 1973.

وفى يوم 27 أكتوبر كان لدى مصر 74 دبابة فقط على طول المسافة من السويس إلى القاهرة لكن الذى حدث فى الأيام الأخيرة من أكتوبر ، والأيام الأولى من نوفمبر، أن القيادة السوفيتية يوم 28 أكتوبر منحت مصر 250 دبابة هدية كتعويض عن خسائر الحرب ، وصلت مصر بعد 48 ساعة ، والرئيس اليوغوسلافى تيتو منح مصر لواء دبابات كامل ، والرئيس الجزائرى هوارى بومدين أرسل إلى مصر لواء دبابات جزائرى كامل ، والرئيس الليبى معمر القذافى أرسل لمصر لواء دبابات أيضا ، فإذا بحصيلة الدبابات على طول المسافة من السويس إلى القاهرة ترتفع إلى 800 دبابة.

وكان لدى السادات إضافة إلى ذلك موقف سياسى عربى موحد ربما للمرة الأولى فى التاريخ العربى المعاصر ، وموقف دولى داعم ، وجبهة عسكرية استعادت تماسكها وأفشلت خطط العدو الإسرائيلى بصمودها ، ولكن السادات الذى راهن منذ البداية على الموقف الأمريكى يقبل بإجراء أول مفاوضات مباشرة بين العرب وإسرائيل عند الكيلو 101 على طريق السويس ـ القاهرة ، وفيها قدم الجانب المصرى الذى كان برئاسة اللواء الجمسى ( وقتها ) ، للجانب الإسرائيلى الذى كان برئاسة الجنرال ياريف مشروعا لفض الاشتباك تضمن انسحاب القوات الإسرائيلية لمسافة 30 كيلومترا شرق قناة السويس ، وأن تحل قوات الأمم المتحدة كعازل بين القوات ، مع بحث حجم وتسليح القوات المصرية التى عبرت إلى سيناء. كان ذلك المشروع أقل بكثير من المشروع الذى عرضه وزير الخارجية الأمريكى ويليام روجرز عام 1971 ، بانسحاب القوات الإسرائيلية 40 كم شرق القناة ، ورفضته مصر قبل حرب أكتوبر بكل ما تحقق فيها ، وطلب بتحديد خط وقف إطلاق النار يوم 22 أكتوبر والعودة إليه ، كما طلب الوفد المصرى بضمان وصول إمدادات الجيش الثالث من الأغذية والأدوية ، ولكن الجنرال ياريف ذكر انه ليست له صلاحيات لبحث موضوع خطوط 22 أكتوبر ، ولا مشاكل تموين الجيش الثالث ، وأنه مهتم بالدرجة الأولى بموضوع إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين. وفى يوم 7 نوفمبر كان الرئيس السادات يستقبل هنرى كيسنجر فى قصر الطاهرة للمرة الأولى مباشرة بعد العديد من الرسائل بينهما قبل الحرب وأثناءها وبعدها ، وفى هذا الاجتماع المنفرد بين الرجلين فوجئ كيسنجر كما كتب بنفسه فى مذكراته بالسادات وأطروحاته ، فالسادات لم يطلب منه أن تعمل الولايات المتحدة على انسحاب إسرائيل من جميع الأراضى المحتلة فى حرب 1967 فى إطار تسوية شاملة للصراع العربى الإسرائيلى وتفاوض على حقوق الشعب الفلسطينى ، بل كل ما طلبه هو انسحاب إسرائيلى من ثلثى سيناء حتى خط العريش – رأس محمد ، وبهذا خالف السادات الموقف العربى الثابت منذ حرب 1967 ، وحتى هذا المطلب رغم سرور كيسنجر به ، رفضه كيسنجر قبل الرجوع للإسرائيليين.

والسادات يصارح كيسنجر أن حصار الجيش الثالث ليس جوهر المسألة وخطوط 22 أكتوبر لا تصلح للنقاش بين صانعى سياسة مثله هو وكيسنجر ، أن السادات راغب بشدة فى عودة العلاقات الدبلوماسية بين مصر و الولايات المتحدة ،وهى العلاقات التى تم قطعها بين مصر والولايات المتحدة عقب حرب 1967 وإثر الدور الأمريكى الواضح فى الحرب تخطيطا وتنفيذا ، وإثر هذا القرار المصرى قطعت معظم الدول العربية علاقاتها الدبلوماسية بالولايات المتحدة وتم خروج 62 ألف أمريكى من الوطن العربى فى مشهد مهين لهيبة وكرامة الولايات المتحدة الأمريكية ، وهاج الرئيس الأمريكى جونسون معتبرا ما حدث صفعة لمكانة الولايات المتحدة وتحريض شرير من الرئيس عبد الناصر ، وطوال الفترة من 1967 وحتى 1973 حاولت الولايات المتحدة العمل على عودة العلاقات الدبلوماسية المصرية الأمريكية دون جدوى لإصرار مصر على أن تلزم الولايات المتحدة إسرائيل بالانسحاب من الأراضى العربية قبل تلك الخطوة ، والأن يقوم السادات وبعد حرب ضارية اهتزت فيها ثقة إسرائيل وتم كسر جيشها بتقديم هذا العرض المجانى ، أغتبط كيسنجر لذلك وفى ذهنه ما هو أبعد وأهم ، فعودة العلاقات الدبلوماسية المصرية الأمريكية تفتح الباب لعودة علاقات أمريكا بكل دول العالم العربى.

ويبلغ السادات كيسنجر أنه قرر أن يرفع مستوى التمثيل الدبلوماسى فورا من قائم بالأعمال إلى سفير بالنسبة لمصر والولايات المتحدة ، وكل ذلك بدون مقابل ، ولم يكتف السادات بذلك بل يبلغ كيسنجر أنه ينوى تصفية ميراث سياسات الرئيس عبد الناصر وتوجهاته القومية ، و سيعمل على طرد السوفيت من الشرق الأوسط, ويقول لكيسنجر لقد كانت حماقة وطيش من عبد الناصر محاولاته الدائمة لابتزاز الأمريكان وتحقيق أهداف مصر من خلال محاربة السياسة الأمريكية فى العالم العربى وعلى امتداد العالم ، وإن مصر خاضت ما يكفيها من حروب وتتطلع إلى السلام.

يسجل كيسنجر فى مذكراته عن السادات ( أنه يمثل لى أفضل فرصة لكى نقلب المشاعر و الاتجاهات العربية والمواقف العربية تجاه إسرائيل ، وهى أفضل فرصة تتاح لدولة إسرائيل منذ قيامها ، يقول كيسنجر أنه هو الذى أوحى للسادات أن المشكلة بين مصر وإسرائيل هى مشكلة نفسية نتجت عن عدم ثقة إسرائيل بنوايا مصر وخوفها على أمنها ، وأن يجب على مصر أن تعطى إسرائيل الإحساس بالأمان ، وكالعادة يوافقه السادات ويصارحه أن المشكلة الأساسية نجمت من رفض عبد الناصر الاعتراف بالهزيمة عام 1967 وإصراره على الحل العسكرى للصراع مما كلف مصر الكثير ، ويتفق الطرفان فى نهاية الاجتماع على مشروع ( النقاط الست ) الذى يعترف كيسنجر فى مذكراته أنه من وضع رئيسة وزراء إسرائيل جولدا مائير ونص على التالى :

1 ـ توافق مصر و اسرائيل على الاحترام الدقيق لوقف إطلاق النار الذى أمر به مجلس الأمن

2 ـ توافق مصر و إسرائيل على البدء فورا فى تسوية مسألة العودة إلى مواقع 22 أكتوبر فى إطار الاتفاق على فض الاشتباك والفصل بين القوات تحت رعاية الأمم المتحدة.

3 ـ تتـلقى مدينة السويس يوميا إمدادات من الطعام و الأدوية ، وجميع الجرحى والمدنيين فى مدينة السويس يتم ترحيلهم.

4 ـ يجب ألا تكون هناك عقبات أمام وصول الإمدادات غير العسكرية إلى الضفة الشرقية للقناة ( سيناء ).

5 ـ تستبدل النقاط المراقبة الإسرائيلية على طريق السويس – القاهرة بنقاط مراقبة من الأمم المتحدة ، وفى نهاية طريق السويس يمكن لضباط إسرائيليين الاشتراك مع الأمم المتحدة فى الإشراف على الإمدادات غير العسكرية التى تصل إلى شاطئ القناة.

6 ـ بمجرد تولى الأمم المتحدة نقاط المراقبة على طريق السويس – القاهرة ، يتم تبادل جميع الأسرى والجرحى.

عندما سمعت جولدا مائير بنبأ الاتفاق قالت ( إن هذا الاتفاق هو انجاز خيالى ، وشئ لا يصدق ، يفوق كل ما توقعته اسرائيل ) بالطبع قالت ذلك لكيسنجر وليس للعالم بموافقة السادات على هذا الاتفاق يكون قد قدم تنازلات جوهرية غير مفهومة للجانب الإسرائيلى ، لقد أعترف رسميا بحصار الجيش الثالث المصرى وهو أمر كانت تروج له اسرائيل فى العالم كدليل على انتصارها فى نهاية الحرب، وتنازل دون مبرر عن شرط عودة اسرائيل إلى خطوط 22 أكتوبر 1973رغم أن قرارات مجلس الأمن الدولى ، وضمانات القوتين العظميين تضمن له ذلك. كما أنه وافق على إطلاق سراح الأسرى والجرحى الإسرائيليين ، كان من ضمنهم 36 طيار اسرائيلى أسقط الدفاع الجوى المصرى طائراتهم خلال حربى الاستنزاف و 73 و أخذوا أسرى حياء كتنازل دون مقابل من مصر وبهذا خسر ورقة تفاوضية هامة للضغط على الإسرائيليين ،والأدهى من ذلك أن السادات وافق على طلب كيسنجر بأن تخفف مصر الحصار البحرى على مضيق باب المندب ولكنه طلب من كيسنجر إبقاء الأمر سرا حتى لا يضر بموقفه أمام العرب ، وفى يوم 13 ديسمبر 1973 يصل كيسنجر إلى مصر للقاء الرئيس السادات مرة أخرى لكى يحصل على موافقته على انعقاد مؤتمر جنيف الدولى.

كان غرض كيسنجر من المؤتمر أن يكون مظلة للقاء سياسى مباشر بين مصر و إسرائيل ، وأن يدعى للمؤتمر كل الدول العربية المحيطة بإسرائيل ، ولكن مصر تتعهد بحضور المؤتمر حتى لو رفضت الدول العربية الحضور، أن يتفاوض العرب مع اسرائيل منفردين ، مصر وإسرائيل ، سوريا وإسرائيل ، الأردن وإسرائيل ، وليسوا مجتمعين فى وفد موحد ، الفلسطينيون لن يدعوا لحضور المؤتمر وسوف يتم بحث حضورهم فى ترتيبات لاحقة !

وفى نفس الاجتماع طلب كيسنجر من الرئيس السادات العمل على إنهاء الحظر البترولى الذى فرض على الولايات المتحدة، وكالعادة وافق الرئيس السادات على كل طلبات كيسنجر، الغريب فى الأمر أن الرئيس السادات بدأ مفاوضاته للسلام قبل أن يتم فك الاشتباك ورفع الحصار عن الجيش الثالث المصرى الذى تسبب قراراه بقبول وقف إطلاق النار فى 22 أكتوبر بتشديد الحصار عليه ، رغم أن القادة العسكريين المصريين قاموا بوضع خطة عسكرية سميت (الخطة شامل) لتصفية الثغرة وإبادة القوات الإسرائيلية الموجودة بها ، حتى يزيلوا ما اعتبروه إهانة للعسكرية المصرية وتضحياتها فى المعركة ، وحتى يرفعوا عن المفاوض المصرى حرج التفاوض وجيشه الثـالث محاصر. ومما دعم خطتهم وصول إمدادات عسكرية جديدة لمصر من الاتحاد السوفيتى والعرب تكفى لنجاح الخطة، ولكن السادات طلب منهم الانتظار ورفض التصديق على تنفيذ الخطة, رفض السوريون حضور مؤتمر جنيف قبل فض الاشتباك على الجبهات القتال ، كما رفضوا إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، بينما وافق السادات على حضور المؤتمر الذى شهد أول مفاوضات سياسية مباشرة بين العرب وإسرائيل والجيش الثالث المصرى محاصر ، ومدينة السويس محاصرة ، حقق مؤتمر جنيف مكسبا هاما لإسرائيل تمثل فى حدوث أول لقاء سياسى مباشر وعلنى بين العرب و إسرائيل. كما تم من خلاله عزل الدور السوفيتى فى تسوية الصراع ، كما زاد من الخلافات بين مصر وسوريا ، وأدى إلى توجس الفلسطينيين مما يتم خلف ظهورهم وفى قضية فى الأساس خاصة بهم وببلدهم المحتـل، مرة أخرى يعود كيسنجر إلى مصر لمقابلة الرئيس السادات فى استراحته بأسوان، وفى 18 يناير 1974 يتم الاتفاق على بنود اتفاقية فك الاشتباك الأول على الجبهة المصرية ، حيث تم سحب كل القوات المصرية والأسلحة المصرية التى عبرت إلى سيناء ماعدا 7000جندى ، و30 دبابة ، وبالنسبة للمدفعية والصواريخ تم الاتفاق على ألا توجد قطع مدفعية باستثناء مدافع مضادة للدبابات ومدافع مورتار وما لايزيد عن 6 بطاريات من مدافع هاوتزر طراز 122مللم ، وبحيث لايزيد مداها عن 12 كم ، وفيما يتعلق بالطيران تم الاتفاق على ألا تكون لدى أى طرف أسلحة قادرة على إعاقة قيام كل طرف بالطيران فوق مواقع قواته ، وألا تـقام مواقع صواريخ ثابتة فى كل مكان.

كان هذا الاتفاق هو السبب الذى دعا الفريق الجمسى للبكاء على رؤوس الأشهاد من إسرائيليين ومصريين وأمريكيين فى اجتماع الوفود فى فندق كتراكت القديم فى أسوان ، وكان تعليقه ( لقد عبرنا إلى هناك بقوة جيشين ، 150 ألف رجل و1200 دبابة و 2000 قطعة مدفعية ، والأن هل يعقل ألا أستبقى من كل هذه القوات إلا هذا ) ، فى نفس الوقت وقبل أن يسافر كيسنجر طلب من الرئيس السادات مرة أخرى أن يبذل مساعيه لرفع الحظر البترولى العربى عن الولايات المتحدة ، كما طلب منه أن يسرع فى تعمير مدن القناة وإعادة سكانها المهجرين كدليل على حسن النوايا تجاه إسرائيل، وعدم استعداد مصر لاستئناف القتال مرة أخرى ضد إسرائيل ، وليؤكد للإسرائيليين أجواء السلام ، وكأن كل ما حصل عليه كيسنجر وما حصلت عليه إسرائيل من تنازلات لم يكن كافى للطمأنينة ، حتى بعد تبديد جهود الأمة العربية والشعب المصرى الذى حقق معجزة العبور ، لينتهى الأمر بموافقة السادات على 30 دبابة و 6 بطاريات مدفعية و7000 جندى لحماية النصر العظيم ، وفى 18 مارس 1974 وإثر ضغوط الرئيس السادات على الدول العربية خاصة السعودية تم رفع الحظر البترولى العربى على الولايات المتحدة ، ووافق الرئيس السورى حافظ الأسد مضطرا على ذلك مقابل أن يتم فك الاشتباك على الجبهة السورية ، وهو ما تحقق فعلا فى 31 مايو 1974 . استقالت جولدا مائير من رئاسة الوزراء فى إسرائيل ، وتولى خلفا لها الرئاسة إسحاق رابين وفى أول زيارة له إلى واشنطن عقب توليه منصبه ، طلب أن يتم فصل عملية التسوية على الجبهتين المصرية و السورية عن بعضهما ، فإسرائيل تسعى للاستفادة من مرونة الرئيس السادات ، والوصول معه لمعاهدة سلام منفردة ، بعيدا عن المسار السورى ، وترى أن الظروف مواتية لذلك ، لذا فهى تطلب من الإدارة الأمريكية فصل المسارين.، ويستـأنف كيسنجر رحلاته المكوكية إلى المنطقة ، ويواصل الحصول على تنازلات لصالح إسرائيل على حساب الحقوق العربية.

وفى 22 سبتمبر 1975 يتم التوقيع على أتفاق فك الاشتباك الثانى على الجبهة المصرية ، والذى جاء أشد وطأة من الاتفاق الأول لفك الاشتباك ، حيث تعهد فيه الرئيس السادات بقبول صلح منفرد بين مصر وإسرائيل, كما تعهد بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية لإخراج الاتحاد السوفيتى من أفريقيا وليس من العالم العربى وحده ، وفيما يتعلق بقضية فلسطين ،فإن الرئيس السادات قبل منطق ألا تعترف إسرائيل و لا تتصل بمنظمة التحرير الفلسطينية ، إلا إذا قامت المنظمة بالاعتراف مسبقا بقرارى مجلس الأمن 242 و383 ، وهو مايعنى أن الفلسطينيين سيتخلون عن مطالبهم التاريخية فى كامل أرض فلسطين ، ويتفاوضوا على حدود 1967 فقط. كما تعهد السادات أن تمتنع مصر عن أى أعمال عسكرية أو شبه عسكرية فى تعاملاتها مع إسرائيل ، أن يبدأ تقليص المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل تدريجيا ،بوصول القوات الإسرائيلية إلى المرتفعات الشرقية لمضايق سيناء ، أبلغ رابين وزير الخارجية الأمريكى كيسنجر أن إسرائيل لن تنسحب خطوة أخرى واحدة للوراء إلا بتوقيع معاهدة سلام كاملة بينها وبين مصر, وقد أصبح الطريق أمامها ممهدا لذلك لأن رهان الرئيس السادات على الحل السلمى وعلى أن 99 % من أوراق اللعبة بيد الولايات المتحدة الأمريكية ، لم يترك أمامه بديلا أخر. والمؤسف أن رهانات الرئيس السادات لم تؤثر فقط على مصر ، بل أضاعت فرص الوصول لتسوية شاملة ونهائية للصراع العربى الإسرائيلى على كل الجبهات ، فى يوم 16 ديسمبر 1973 حمل كيسنجر من الرئيس السادات رسالة إلى جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل جاء فيها ( عندما أتكلم عن السلام الآن فأنا أعنى ما أقول ، إننا لم نتقابل من قبل ، ولكن لدينا الآن جهود الدكتور كيسنجر ، فدعينا فى هذه الأوقات نستخدم هذه الجهود ونتحدث إلى بعضنا من خلاله ).

قالت جولدا مائير لكيسنجر تعليقا على ذلك وعلى موافقة السادات على نقاطها الست ، ( هذا شئ طيب ، لكن ما أستغربه هو لماذا يفعل ذلك ؟) كان تحليل كيسنجر أنه لا يستطيع أن يفهم حتى الآن لماذا لا يستخدم السادات كل عناصر القوة فى موقفه لكى يرغمكم على الانسحاب حتى خطوط 4 يونيو 1967 ، وحتى إذا قرر استئناف القتال ، فالموقف الدولى كله معه وسيلقى باللوم على إسرائيل. وفسر كيسنجر الأمر أن الرئيس السادات وقع ضحية للضعف الإنسانى ، أنه متشوق أن يرى نفسه وبسرعة سائرا فى موكب نصر فى سيارة مكشوفة عبر مدينة السويس ، وآلاف الناس على الجانبين يصفقون له كمنتصر ، وبعد مرور كل هذه السنوات ، على حرب أكتوبر 1973 . مازال السؤال معلقا ( لماذا فعل السادات ذلك ؟ ! ) :

ربما ندرك بعد قراءة هذه الدراسة التى جمعت فيها معلومات وتصريحات ومحاضر ووثائق عن مرحلتى الحرب والمفاوضات حتى اتفاقية فك الاشتباك الثانية كم كان الرئيس أنور السادات عبقريا وكم كان سابقا لعصره ولا حول و لا قوة إلا بالل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

ساهم بنشر الموقع و لك جزيل الشكر