الأربعاء، 7 أغسطس 2013

الفريق سعد الدين الشاذلي .. مهندس العبور




في الخامس من يونيو حزيران عام سبعة و ستين اعتدى بنو إسرائيل على أراضي ثلاث دول عربية فيما سمي "حرب الأيام الستة". أعقبها ست سنوات من العمل الدؤوب التقط فيها العرب أنفسهم من الحضيض و أعادوا بناء أنفسهم و قواتهم وصولاً إلى ما يمكن تسميته "اليوم السابع". الفريق سعد الدين الشاذلي عام واحد و سبعين يظهر على السطح رمزاً لأهل الكفاءة و التفكير و الإعداد و التنفيذ. أنت تذهب إلى الحرب لا بالجيش الذي تتمناه بل بالجيش الذي في حوزتك. ذهب إلى الحرب و قهر المستحيل في حدود ما أتيح له و وراءه أبطال لا حصر لهم و أمة تتوق إلى الكرامة. لكننا في لحظة الحصاد نسيناه و في لحظة الاحتفال أغلقنا دونه باباً من الحديد. أبعده زمن أنور السادات في نشوة السعي إلى سلام زائف مزعوم، و حكم عليه زمن حسني مبارك بالخيانة فبقي طريد أمة و غصة في الحلق و وخزة في الضمير لا تنقطع. بعد نحو ثمانية و ثلاثين عاماً ينتفض شعب مصر فيقهر المستحيل مرة أخرى هذه المرة في ميدان التحرير. حين تعود الكرامة لا تعود إلا و بين يديها طريق الحق. و يأبى الله إلا أن يزيد على ذلك علامة أخرى لكل من يعتبر. في اللحظة التي سلم الرجل روحه راضية مرضية إلى بارئها كان حسني مبارك يسقط إلى أسفل سافلين على يدي شعبه. كل عام و أنتم في كرامة، هذه قصيدة حب و تقدير لأبطال مصر و العرب لأن أمة لا تعرف أبطالها الحقيقيين هي أمة لا تعرف شمالها من اليمين. أبطالنا في مثل هذا اليوم قبل ثمانية وثلاثين عاماً لا حصر لهم. حتى النشالون في المواصلات العامة أبطال عندما أضربوا يومها عن النشل. في هذا اليوم نرفع لهم جميعاً واحداً واحداً تحية تقدير و إجلال. أسكن الله شهداءنا منهم فسيح جناته و رعى من لا يزال منهم بين ظهرانينا. لكننا في الوقت نفسه و قد انقشع عن نفوسنا جانب من الظلم نقدم لأجيال غُيبت جسراً يعبر بهم فوق زمن التغييب في عهد اللافعل إلا من فعل الفساد و العمالة و الفجور كي يربطهم بالحق. من بين أبطالنا من كرم حق قدره، و من بينهم من كرم بأكثر من قدره و من بينهم من ظلم، و الله لا يحب الظلم. حين تصاب أمة بما أصيبت به أمتنا عام سبعة و ستين ثم تغسل عارها في ست سنوات بطريقة أذهلت العدو قبل الصديق فتش عن معدن الإنسان. ظلم بينٌ أصاب جيلاً بأكمله هو جيل ما يسمى حرب الاستنزاف. على رأس هؤلاء زعيم مصري عربي عالمي انكسرت روحه و لم يعد باقياً أمامه من وجهة نظر أعدائه سوى أن يسلم لهم مفاتيح القاهرة و معها مفاتيح أمة العرب. إنصافاً له هذه محاولة كنا قد قدمناها من خلال قناة الجزيرة بالأدلة و الشهادات من جانب من شاركوا في صنع الأحداث. اسمحوا لي أن أنتخب هذا الرجل في هذا اليوم من أجل كلمة إنصاف لوجه الله و لوجه الوطن. و اسمحوا لي أن أرحب في مستهل هذه الفقرة بكل من الزميل الكاتب الصحفي الأستاذ مصباح قطب الذي اقترب من الفريق الشاذلي في سنواته الأخيرة، و إلى جواره الأستاذة شهدان سعد الدين الشاذلي كريمة فقيدنا و فقيد الأمة العربية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

ساهم بنشر الموقع و لك جزيل الشكر