قارئة الفنجان هي قصيدة ألفها نزار قباني، ولحنها محمد الموجي، وغناها عبد الحليم حافظ في أبريل 1976، وتعتبر من أجمل وأشهر أغانيه.
بعد أن انتهى عبد الحليم حافظ من قراءة قصيدة لنزار قباني في إحدى دواوينه، وأعجب بها، قرر غنائها، لكنه كان معترضاً على بعض الكلمات في القصيدة، فحاول الاتصال بنزار قباني الذي كان يتنقل ما بين أكثر من دولة عربية وأوروبية، وبعد محادثات طويلة، اقتنع الشاعر بوجهة نظر عبد الحليم. من الكلمات التي طلب عبد الحليم تغييرها:
في المقطع الأول يقول نزار:
يا ولدي قد مات شهيداً...من مات على دين المحبوب
تم الاتفاق على تغييرها إلى:
يا ولدي قد مات شهيداً...من مات فداءاً للمحبوب
في المقطع الثالث يقول نزار
ضحكتها موسيقى ووورود
تم الاتفاق على تغييرها إلى:
ضحكتها أنغام ووورود
في المقطع الثالث أيضاً يقول نزار
فحبيبة قلبك يا ولدي نائمة في قصر مرصود وكلاب تحرسه وجنود
تم الاتفاق على حذف عبارة "وكلاب تحرسه وجنود"
كما أضاف نزار قباني أبيات أخرى لم تذكر في الديوان منها
مقدورك أن تمضي أبداً...في بحر الحب بغير قلوع
وتكون حياتك طول العمر...كتاب دموع
وبحسب اللقاء الذي أقامه التلفزيون المصري مع عبد الحليم حافظ أوضح عبد الحليم بأنه تم حذف مقطع
ستحب كثيرا وكثيراً وتموت كثيراً وكثيراً..
وستعشق كل نساء الأرض.. وترجع كالملك المخلوع
وأضاف بدلاً منه :
فبرغم جميع حرائقه وبرغم جميع سوابقه
وبرغم دموع مئاقينا وبرغم ضياع أمانينا (تم حذفه أثناء البروفات من قبل عبد الحليم والموجي).
ثم أضاف نزار قباني إلى القصيدة :
والشعر الغجري المجنون يسافر في كل الدنيا
والخصر رقيق كالرؤيا
وطيور الصيف تفكر بالشفة العليا
كي تسرق منها ياقوتاً أو تخطف زهرة جاردينيا
وأيضاً أضاف المقطع الأخير :
ستفتش عنها يا ولدي في كل مكان
وستسأل عنها موج البحر
وتسأل فيروز الشطئان
وتجوب بحاراً وبحارا
وتفيض دموعك أنهاراً
وسيكبر حزنك حتى يصبح أشجاراً
وسترجع يوماً يا ولدي
مهزوما مكسور الوجدان
وستعرف بعد رحيل العمر
بأنك كنت تطارد خيط دخان
فحبيبة قلبك ليس لها أرضٌ
أو وطن أو عنوان
ما أصعب أن تهوى امرأة
يا ولدي ليس لها عنوان.
التلحين
استغرق محمد الموجي سنتين في تلحين القصيدة ﴿حسب ما قال في لقاء له مع مجلة "فن"﴾، وقد لحن بعض المقاطع أكثر من لحن وبمقامات موسيقية مختلفة لكل يختار عبد الحليم منها، فما كان من عبد الحليم إلا أن اختارها كلها، فمثلاً مقطع "في حياتك يا ولدي امرأة" يغنيه عبد الحليم بلحنين مختلفين، وكذلك بالنسبة لمقطع "ستفتش عنها يا ولدي"، وهذا الأمر نادر الحدوث في الغناء العربي. وجدير بالذكر أن الموجي أثناء انشغاله بلتحين هذه القصيدة قام بتلحين أغنية وطنية جميلة من النوع الخفيف لعبد الحليم هي أغنية "النجمة مالت ع القمر".
لكن الأغنية مرت بأزمة كان من الممكن أن تقضي عليها في مهدها، إذ حدث احتباس في صوت محمد الموجي، فكانت هناك صعوبة في نقل اللحن إلى نوتات موسقية، وعندما انتهى نقل النوتات، كان لا يزال على موعد الحفل 12 يوماً فقط، وكان عبد الحليم يجري تدريباته ﴿بروفاته﴾ عادةً في 45 يوماً، فقرر عبد الحليم إلغاء الحفل، لكنه تراجع بعد بتأييد من صديقه مجدي العمروسي، وبعد أن أقسم أعضاء الفرقة الماسية، وعلى رأسهم قائدها أحمد فؤاد حسن، بأن يعملوا 12 ساعة يومياً على التدريبات.
غناء القصيدة
في عيد شم النسيم في أبريل 1976 غنى عبد الحليم هذه القصيدة، وبالرغم من أن أغلب الجمهور استقبلها باستحسان، إلا أن فئة منهم كانت تصدر الهتافات والصفير طوال الوقت، وليس في نهايات المقاطع كما هو معتاد، فقام عبد الحليم بقوله "بس بقه"، كما قام بالتصفير مثلهم، فأدى هذا بالصحف المصرية إلى أن تنتقده بحده، فحاول عبد الحليم في أكثر من لقاء توضيح موقفه، منها لقاءه مع مجلة آخر ساعة. وقد نُقل عن الفنانة سعاد حسني أن صفوت الشريف هو من دبر هذه الأحداث. وربما كان السبب الخلافات السابقة مع سعاد، وعبد الحليم.
لكن لم يكن أحد يدري آنذاك أن هذه القصيدة هي آخر أغنية يقدمها عبد الحليم بعد ربع قرن من الغناء، ويمكن اعتبارها من أفضل أغانيه.
حققت القصيدة نجاحاً كبيراً، فحتى عام 1993 كان قد بيع منها حوالي مليونين نسخة، ورغم أن هذا العدد ليس أكبر الأرقام، إلا أنها تحقق مبيعات متواصلة على مدى أكثر من ثلاثين سنة.
كانت هذه الأغنية أيضاً من أفضل ما قدم محمد الموجي من ألحان، وهو الذي لحن أغنية "صافيني مرة" عام 1952، هي التي أدت إلى شهرة عبد الحليم، وقال الموجي في لقاء له مع مفيد فوزي أنه لم يقدم بعد "قارئة الفنجان" أغنية في مستواها، وإجمالا فإن أشهر لحن قدمه الموجي بعد وفاة عبد الحليم يمكن أن يكون أغنية "عيون القلب" من غناء نجاة الصغيرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.