السبت، 26 أكتوبر 2013

الأيادي الخفية التي قتلت اشرف مروان ,سعاد حسني والليثي ناصف


«الموت الغامض» من «شرفات لندن»

ثلاثوقائع سابقة كان ضحيتها ثلاثة من المشاهير في مصر يمكن وصفهم بأنهم شخصياتعامة ومهمة آخرهم أشرف مروان، الذي لم تستدل نهايته الغامضة حقيقة الأدوارالتي لعبها في الحياة السياسية، أيضاً الفنانة سعاد حسني التي لقيت حتفها فيلندن بالطريقة نفسها، ومازال الأمر مثيراً للجدل. هل قتلت سعاد أم
انتحرت؟ أيضاً بسيناريو موت مروان وسعاد نفسه لقي مصرعه الليثي ناصفالقائد الأسبق للحرس الجمهوري، الذي لعب دوراً مهماً في تعزيز قبضة الرئيسالسادات على السلطة في مواجهة خصومه ممن وصفوا بمراكز القوى. أشرف مروان.. شخصية مثيرة للجدل، لكنه انزوى عن مسرح الحياة السياسية حيث أقام في لندن منذأكثر من ربع قرن كرجل أعمال بعد أن ترك منصبه مستشارا سياسيا للرئيس الساداتغير أن نهايته جاءت مثل حياته مفعمة بالأسرار والألغاز، إذا أعلنت وفاته فيلندن بعد سقوطه من شرفة شقته التي تقع في شارع «سان جيمس بارك« وقالت الشرطةالبريطانية: انه لا توجد شبه جنائية وراء الحادث.

وأثارت معلوماتصحفية واستخباراتية تم تسريبها جدلاً حول تورطه في عمليات تجسس لصالحإسرائيل، ودوره في حرب اكتوبر 1973 وقد وردت هذه المعلومات في كتاب تحت عنوان«حرب يوم الغفران.. زمن حقيقي« ورد فيه أن مروان كان عميلاً لجهاز «الموساد« وانه نقل للاستخبارات الإسرائيلية تحذيرات من اندلاع حرب عام 1973، كما استمرفي تزويدها بمعلومات مهمة جداً خلال الحرب وظل الجدل قائماً عما إذا كانعميلاً لإسرائيل، أو كان عميلاً مزدوجاً لصالح مصر، وهو الأمر الذي ترجحهدوائر أمنية مصرية، استناداً إلى أن الرئيس أنور السادات قد منحه وسامالجمهورية من الطبقة الأولى تقديراً لما قام به من جهود خلال حرب اكتوبر 1973ولجهده في توفير قطع الغيار اللازمة للقوات الجوية أثناء رئاسته الهيئةالعربية للتصنيع من عام 1974 حتى عام .1979 اسمه بالكامل: أشرف أبوالوفامروان ولد في يناير عام 1945 وكان والده ضابطا بالقوات المسلحة قبل أن يشغلمنصب رئيس مجلس إدارة شركة الأسواق الحرة، وله ولدان هما جمال وأحمد وخمسةأحفاد هم أشرف ومحمود ومريم وجمال مروان ومحمد وأمنية أحمد مروان أبناءالسيدة هانيا عمرو موسى كريمة الأمين العام لجامعة الدول العربية، وحصل علىبكالوريوس العلوم في جامعة القاهرة عام 1965 قسم كيمياء.

كلف عقبتخرجه بالمعامل المركزية بالقوات المسلحة، كان أشرف واحداً من ألمع رجالالسياسة العربية إبان حكم صهره الرئيس جمال عبدالناصر، وخلفه أنور الساداتحتى استقر به المقام في العاصمة البريطانية لندن مستشارا ورجل اتصالاتاقتصادية واجتماعية، بعيداً عن الشأن السياسي عاش في بريطانيا وبعد زواجه منمنى عبدالناصر عين برئاسة الجمهورية حتى وصل إلى منصب سكرتير مساعد للمعلوماتثم مساعداً لسامي شرف حتى وفاة الرئيس عبدالناصر وعينه الرئيس الساداتسكرتيراً للمعلومات بدلاً من سامي شرف في مايو .1971 كان مبعوثاً شخصياًللرئيس السادات منذ عام 1971 لرؤساء الدول العربية والأجنبية وملوكها أثناءرئاسته الهيئة العربية للتصنيع. أبرم العديد من الاتفاقيات المشتركة مع فرنساوانجلترا خاصة بتوفير قطع الغيار للمصانع الحربية وتطوير تكنولوجيا التسليح. ماذا قالت الصحف الإسرائيلية؟ بإمكان إيلي زعيرا رئيس الاستخبارات العسكريةالأسبق أن يتنفس الصعداء الآن بعد وفاة خصمه اللدود أشرف مروان بطريقة غامضةفي لندن.

وكان زعيرا الذي ترأس الاستخبارات العسكرية قبيل وخلال حرب1973 أول القادة الإسرائيليين الذين تم التخلص منهم بعد هزيمة إسرائيل في تلكالحرب، وعاش طوال عمره يدافع عن نفسه وعما اعتبره شرفه العسكري. وقبل سنواتخرج زعيرا عن طوره وأعلن أن الشخصية العربية الرفيعة المستوى التي نقلت إلىإسرائيل موعد الحرب قبل اندلاعها بيومين لم يكن سوى أشرف مروان صهر الرئيسعبدالناصر ومستشار الرئيس السادات. واعتبر زعيرا أن مروان ضلل إسرائيل واتهمهبالعمل كعميل مزدوج وكان بذلك يحاول حسم الجدال حول مروان الذي اندلع فيالأوساط الإسرائيلية بعد أن تطرق الصحفي والمؤرخ اهرون بريجمان لهذا الموضوعفي كتاب له اثر حصوله على معلومات من زعيرا حول أشرف مروان.

وأشاربريجمان في تصريحات أدلى بها لصحيفة هاآرتس الأسبوع الماضي أنه كان على اتصالمع مروان حتى قبل وفاة الأخير. وإذا كان زعيرا قد حسم أمر أشرف مروان قبلمقتله، لصحيفة هاآرتس وأنه عندما تحدث مع مروان قبل مقتله بيوم لم يلمس أيشعور بالأسى في صوت مروان الذي شكا من صداع خفيف. وخلال لقاءات جمعت الاثنينلم يسأل بريجمان مروان إن كان عميلاً مزدوجاً أو لا ولكنه سأله إذا ما كان قدقدم معلومات عن موعد الحرب ذكر فيها موعد الحرب متأخراً أربع ساعات عن موعدهالحقيقي، وبحسب بريجمان فإن مروان أجابه ما هو الفرق الذي يمكن أن يحدثهالخطأ في ساعات قليلة؟ وبحسب بريجمان فإن مروان بدأ بكتابة مذكراته عام 1971بعد عامين من بدء عمله لصالح الموساد. وقال بريجمان:

انه سأل مروانمرة عن هذه المذكرات فأجابه الأخير: انها ستكون حول أمور كثيرة في مصر وكيفيةعمل النظام هناك وسياسته ضد إسرائيل، وأضاف بريجمان: عندما أخبرني بذلكاستنتجت أنه كان فعلاً عميلاً مزدوجاً وهو ما كان قد سمعه، وكان بريجمان قدنشر تقريراً موسعاً في صحيفة يديعوت احرونوت يوم 6 مايو 2005، بعد احتدامالجدل في إسرائيل حول مروان ذكر فيه أن وقوف مروان بعد 13 عاماً يصافح الرئيسالمصري مبارك في احتفالات حرب اكتوبر لا يدع مجالاً للشك أن مروان كانبالنسبة إلى مصر بطلا قوميا، وهو ما يجب حسم الجدال حول ذلك. وسجل أحدالعاملين في وحدة مراقبة المحطات العربية في جهاز الموساد الإسرائيلي شريطاًيظهر العناق بين مروان ومبارك وهو ما جعل بريجمان يكتب في «يديعوت« معلقاً فيهذا الشريط: يقف أشرف مروان بعد إحدى وثلاثين سنة يصافح بحرارة يد الرئيسمبارك أمام الكاميرات في ذكرى الاحتفال بالنصر على إسرائيل ويرافقه لوضعاكليل الورد على ضريح الرئيس عبدالناصر، بعد الآن لم يبق هناك أي مكان للشكفالرئيس المصري لا يتعامل على هذا النحو مع أكبر خائن عرفته مصر، إن صورةواحدة تساوي ألف سجال أكاديمي.

ولم يكن الجدال في إسرائيل حول مروانذا طابع اكاديمي كما يذكر بريجمان ولكنه وصل إلى المحاكم، عندما رفع الجنرالإيلي زعيرا دعوى مدح وذم ضد رئيس الموساد الأسبق تسفي زامير الذي اتهم زعيرابتسريب اسم مروان إلى بريجمان وطالب بتقديم زعيرا إلى المحكمة بتهمة إفشاءالأسرار.

وبحسب ما كشفت الوثائق الإسرائيلية فإن مروان الذي عرف بأنهشخصية عربية مرموقة تقدم بنفسه إلى السفارة الإسرائيلية في لندن وطلب العملمع الموساد وهو ما أثار استغراب موظفي السفارة فطلب إليهم إبلاغ قيادةالموساد بعد أن ترك اسمه وعنوانه ووجدت قيادة الموساد في مروان صيداً ثميناًوجندته بعد أن اشترط أن يأخذ مليون دولار عن كل لقاء. وخلال عمله مع الموسادالتقى مروان زعيرا الذي وجد نفسه في وضع لا يحسد عليه بعد حرب اكتوبر وتشكيللجنة تحقيق في نتائج الحرب أطلق عليها اسم لجنة اغرانات التي أنهت عملها فيالأول من ابريل .1974 وقبل ذلك قدمت لجنة اغرانات تقريرها في الأول من ابريل1974 ومن بين ما توصلت إليه اتهامات للقيادتين السياسية والعسكرية بأنهما لمتقدرا حتى ساعات الصباح الباكر من يوم الحرب أن حرباً شاملة على وشك الوقوعوأنه عندما أعلن زعيرا رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية أن مصر وسورياتزمعان شن حرب على الجبهتين الشمالية والجنوبية لم يمكن ذلك الإنذار القصيرالمدى أجهزة التعبئة الإسرائيلية من حشد قوات الاحتياط بصورة منظمة.

وحددت اللجنة ثلاثة أسباب جوهرية لما اعتبرته فشلاً إسرائيلياًجسيماً في عدم الاستعداد للحرب وهي التقديرات أن مصر لن تشن حرباً علىإسرائيل إلا بعد أن تضمن لنفسها القدرة الجوية على مهاجمتها، وأن سوريا لنتشن هجوماً شاملاً على إسرائيل إلا في وقت واحد مع مصر والثقة المفرطة لدىجهاز المخابرات بقدرته على إعطاء إنذار مسبق يمكن الجيش من التعبئة في الوقتالمناسب. وما نشر من تقرير لجنة إغرانات حافل بالتفاصيل حول أوجه القصورواورد التقرير أسماء من القيادتين السياسية والعسكرية متهمة بالتقصير ونتج عنذلك تقديم رئيس هيئة الأركان ديفيد اليعازر استقالته وكذلك فعل قائد المنطقةالجنوبية اللواء شموئيل جونين ورئيس الاستخبارات العسكرية ايلي زعيرا،ومساعده العميد اربيه شيلو. وتحول زعيرا إلى كبش فداء لتلك الحرب على الرغممن أنه تسلم مهمته رئيسا للاستخبارات العسكرية في الأول من اكتوبر بينما نشبتالحرب بعد ذلك بستة أيام. وانتظر زعيرا على أحر من الجمر ثلاثين عاماً حتىيستفيد من القانون الإسرائيلي الذي يسمح بالإفراج عن الوثائق كي يقدم دفاعهعن نفسه وهو ما فعله في تقرير مثير قدمه إلى الكنيست. وأصدر زعيرا ايضاًكتابا حاول فيه الدفاع عن نفسه وأدلى بمقابلات عديدة كان اشهرها لاهرونبريغمان الذي أسر له فيها عن اسم أشرف مروان. وتوثقت علاقة بريجمان بأشرفمروان على الرغم من أن الأول هو من نشر اسمه عميلا مزدوجا وكان على اتصال بهحتى قبل يوم من وفاة مروان وربما كان آخر شخص قد اتصل به.

مروان ليسعميلاً مزدوجاً في غضون ذلك رأى الكاتب الإسرائيلي يوسي مليمان في مقال له أنمروان ليس عميلاً مزدوجاً وقال ميلمان لنبدأ من النهاية، برأيي لم يكن أشرفمروان عميلاً مزدوجاً ووفاته في الملابسات الغامضة تعزز هذا التقدير الذيشاركت فيه لجان الفحص في الموساد وأمان «شعبة الاستخبارات« ومعظم كبارالمسئولين في اسرة الاستخبارات. وفقط ايلي زعيرا وحفنة من الصحفيين والمؤيدينأخذوا بهذه النظرية التي ترمي إلى خدمة الكرامة الضائعة لرئيس «أمان« السابقفلو كان عميلاً مزدوجاً فإنه لم يخن وطنه مصر وخدمه بإخلاص وإن لم يخن فلماذاينبغي له أن يضع حداً لحياته أو كبديل لماذا ينبغي لأحد ـ من الاستخباراتالمصرية ـ أن يصفيه في يوم الانتحار؟ وأضاف الكاتب الإسرائيلي: مروان لم يكنعميلاً مزدوجاً لاعتبار جوهري آخر. ما كانت أي دولة لتبعث بعميل مزدوج لأنينقل إلى العدو معلومات عن خطتها للمهاجمة بعد يومين وبالتأكيد ما كانت مصرلتفعل ذلك خشية أن تسمح المعلومات لإسرائيل بأن تشن هجوماً مسبقاً وتشوشخططها الحربية التي انكبت على إعدادها مع سوريا في سرية كبيرة على مدى سنتين.

ودافع الكاتب الإسرائيلي عن وجهة نظره قائلاً: صحيح أن مروان كانمريضا وقبل بضعة أيام من وفاته عاد من علاج له في الولايات المتحدة إلا أنإمكانية أن يكون قد اختل توازنه فسقط من الشرفة غير معقولة. من المعقول أكثرأن يكون قد انتحر أو صفي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

ساهم بنشر الموقع و لك جزيل الشكر