عادت للعمل في الغناء والسينما في مصر رغم أن زواجها من أحمد سالم لم يكن سعيدًا، وفي الوقت الذي كانت تعمل فيه بفيلم غرام وانتقام استأذنت من منتج الفيلم الممثل يوسف وهبي بالسفر إلى رأس البر لتمضية فترة من الراحة هناك فوافق. فذهبت إلى رأس البر صباح الجمعة 14 يوليو 1944 ترافقها صديقتها ومديرة أعمالها ماري قلادة، وفي الطريق فقد السائق السيطرة على السيارة فانحرفت وسقطت في الترعة (ترعه الساحل الموجودة حاليا في مدينة طلخا)، حيث لقت مع صديقتها حتفهما أما السائق فلم يصب بأذى وبعد الحادثة اختفى، وبعد اختفائه ظل السؤال عمن يقف وراء موتها دون جواب. لكن ظلت أصابع الاتهام موجهة نحو: الاستخبارات البريطانية وإلى زوجهاالأول حسن الأطرش الثالث أحمد سالم وإلى أم كلثوم وشقيقها فؤاد الأطرش
ومن غريب المصادفات أنها قبل أربع سنوات من وفاتها، أي في أوائل أيلول 1940 كانت تمر في المكان عينه فشعرت بالرعب لدى سماعها صوت آلة الضخ البخارية العاملة في الترعة، ورمت قصيدة أبي العلاء المعري (غير مجد) التي لحنها لها الشيخزكريا أحمد، وكانت تتمرن على أدائها حينذاك استعدادًا لتسجيلها في اليوم التالي للإذاعة. وقالت للصحافي محمد التابعي رئيس تحرير "مجلة آخر ساعة" والذي كان
يرافقها "كلما سمعت مثل هذه الدقات تخيلت أنها دفوف جنازة".
أحد هذه الروايات ذكرت أن أسمهان اتفقت مع المخابرات البريطانية على أن تساعد بريطانيا والحلفاء في تحرير سوريا وفلسطين ولبنان من قوات فيشي الفرنسية، وقوات ألمانيا النازية، وذلك عن طريق إقناع زعماء جبل الدروز بعدم التعرض لزحف الجيوش البريطانية والفرنسية «الديجولية».
الرواية أكدت أن المطربة عادت إلى زوجها الأمير حسن بتدخل من البريطانيين الذين أغدقوا عليها بالمال الوفير، بعد أن نجحت في المهمة التي طُلبت منها، إذ أقنعت عشائر الدروز من خلال الأمير حسن الأطرش بالانضمام إلى الحلفاء، ولكن مع الوقت ساءت الأحوال بينها وبين زوجها من جديد، وبالفعل طُلقت منه لثاني مرة، وتخلى عنها الإنجليز بعد أن بدأت ترفض القيام بمهام جديدة، بعد أن تأكدت أنها أدخلت نفسها في سلسلة من المهام التي لا نهاية لها.
رغبة أسمهان في العدول عن قرارها بالدخول في عالم الجاسوسية تخالف مع حاجتها الدائمة للمال، إذ قيل إن بعد تخلي الإنجليز عنها، لجأت للعمل مع الاستخبارات الفرنسية «الديجولية»، ومن ثم الألمانية، وبذلك أصبحت عميلة مزدوجة.
بعد طلاق أسمهان من الأمير حسن، تزوجت الفنان والمخرج المصري أحمد سالم عرفياً في القدس، حيث كانت مقيمة هناك، وعادت معه إلى مصر، لكن لم يستمر زواجهما طويلاً، وانتهى بمحضر في الشرطة بعد أن أطلق عليها النار في منزل الزوجية.
المخابرات البريطانية قررت التخلص من أسمهان-بحسب بعض الروايات- التي لم تستطع الحفاظ على أسرارها حول علاقتها ببريطانيا والحلفاء، وخيانتها للحلفاء بتعاونها مع ألمانيا، وخلال تلك الفترة كانت أسمهان تصور آخر أفلامها «غرام وانتقام»، فاستأذنت من منتج العمل يوسف وهبي لتأخذ قسطاً من الراحة، و قررت السفر إلى رأس البر.
وفي رحلتها التي رافقتها فيها صديقتها ووصيفتها مارى قلادة، لاقت المطربة أسمهان مصرعها على إثر حادث غرق في ترعة «الساحل حالياً»، ولم ينج من الحادث سوى السائق الذي اختفى، بينما انتشل الأهالي جثة أسمهان وصديقتها.
اختفاء السائق أثار الشبهات حول فكرة تدبير الحادث لاغتيال أسمهان، الأمر الذي جعل الكثيرون يربطون بين الحادث، ورغبة الاستخبارات البريطانية في التخلص منها، في الوقت الذي أشارت فيه أصابع الاتهام لزوجها الثالث أحمد سالم.
بل وذهب البعض إلى اتهام سيدة الغناء العربي الراحلة أم كلثوم بالضلوع في تدبير الحادث، للتخلص من الفنانة التي نجحت في تكوين شعبية جماهيرية كبيرة في العالم العربي بصوتها الساحر.
رواية أخرى ذكرت أن الملكة الراحلة نازلي والدة ملك مصر الراحل فاروق الأول، كانت وراء تدبير حادث اغتيال أسمهان، بسبب غيرتها منها على حبيبها أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي الذي كان معجباً بالفنانة السورية.
وبين كل هذه الروايات تبقى حقيقة واحدة وهي أن بداية ونهاية أسمهان كانت من مكان واحد وهو «الماء»، ففي الوقت الذي وُلدت فيه على متن باخرة في البحر، لاقت مصرعها في ترعة، تاركة لغزاً كبيراً حول حقيقة تدبير حادث لقتلها أي كان من ورائه، أو أنها توفت نتيجة حادث عادي!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.