فى آخر حلقة من برنامج "تجربة حياة" على قناة الجزيرة، فجر الكاتب الصحفى الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل قنبلة من العيار الثقيل، ستظل تداعياتها على الساحة السياسية والإعلامية لفترة طويلة، حين ألمح إلى أن الرئيس السابق محمد أنور السادات كان له دور فى موت الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر.
وحسب هيكل فإنه فى اليوم الأخير للاجتماع العربى الطارئ الذى عقد فى القاهرة فى سبتمبر 1970 لحل الصراع المسلح بين الجيش الأردنى ومنظمة التحرير الفلسطينية، التقى الرئيس جمال عبد الناصر فى جناح إقامته بفندق هيلتون النيل برئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، ودارت بينهما مناقشة حادة أغضبت عبد الناصر وتطوع السادات ودخل إلى المطبخ لإعداد قهوة للرئيس، وأخرج المسئول عن مطبخ الرئيس محمد داوود.
واستطرد هيكل مشيرا إلى أنه قيل إن فنجان القهوة كان مسموما، ثم عاد بعد ذلك، مستبعدا أن يكون السادات قد قتل عبد الناصر، لأسباب نفسية وإنسانية، وأنا شخصيا أميل إلى هذا النفى، فالعلاقة بين الرئيسين السابقين كانت أكثر من مميزة، وتواصلت قبل الثورة وبعدها، حتى إن السادات سمى ابنه الوحيد على اسم جمال عبد الناصر، وكان حب السادات لعبد الناصر ودعمه له واضحا فى كل المواقف داخل مجلس قيادة الثورة وخارجها، لذلك حين قرر عبد الناصر إعادة هيكلة دوائر الحكم عقب نكسة يونيو 1967 استعان بالسادات وجعله نائبا له.
والمشكلة ليست فى فنجان القهوة، لكن فى هذه الواقعة التى لم تظهر إلا بعد أربعين عاما من حدوثها، حيث لم تذكر من قبل فى عشرات الكتب التى ظهرت عن فترة حكم الرئيس عبد الناصر، كما أن هيكل الذى تصدى للكتابة والحديث أكثر من مرة عن أسباب موت عبد الناصر، لم يذكر هذه الواقعة من قبل.
وفى اعتقادى المتواضع أنه حين يتعلق الأمر بأسباب موت رئيس، وتورط رئيس آخر فى موته، لا يمكن الارتكان إلى أقوال مرسلة مثل قيل.. فمن الذى قال؟.. ومتى قال؟.. ولماذا سكت؟.. خاصة وأنه بعد أربعين عاما من هذه الواقعة التى استهلها هيكل قبل أن يرويها بكلمة قيل، لم يعد أى من شهودها على قيد الحياة ليؤكدها أو ينفيها.
ومن المعروف أن صحة عبد الناصر كانت قد تدهورت قبل وفاته، وذهب للعلاج والاستشفاء فى الاتحاد السوفيتى، وأمضى آخر ثلاثة أيام فى حياته، يعمل دون انقطاع لإبرام مصالحة بين الفلسطينيين والأردنيين، ووقف القتال بينهم والذى أدى إلى بحور من الدماء العربية.
وفى كتاب نشره الأهرام لصور الرئيس جمال عبدالناصر، يتضح أن الرئيس كان يشعر خلال الساعات التى سبقت وفاته بآلام مبرحة، عكستها ملامح وجهه ويده اليسرى التى كان يقبض عليها بشدة، ووصلت الآلام إلى أقصى درجاتها وهو يودع الزعماء العرب فى مطار القاهرة، وحين عاد لم يستطع قلبه تحمل المجهود الكبير الذى بذله ففارق الحياة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.