من مذكرات إيلي زاعيرا "حرب يوم الغفران الواقع يحطم الأسطورة"،،،،
هنا صُوت إسرائيل..إليكم هذا النبأ العاجل: "بعد الهزيمة الساحقة لجيشنا الإسرائيلي أمام قوات الجيش المصري.. حكمت المحكمة العليا برئاسة الدكتور شمعون أجرانات بالآتي:
- إقالة ديفيد بن إليعازر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي من منصبه.
- إقالة اللواء إيلي زاعيرا رئيس شعبة المخابرات العسكرية من منصبه.
- إقالة العميد أرييه شيلو مساعد رئيس شعبة المخابرات العسكرية للبحوث من منصبه.
وذلك لرؤية محكمة إسرائيل العليا أنهم هم المتسبّبون في هزيمة جيشنا الإسرائيلي أمام المصريين في حرب أكتوبر 1973، هذا وقد قررّت جولدا مائير -رئيسة الوزراء- تنفيذ قرار المحكمة وإقالة المسئولين سالفي الذكر من مناصبهم.
أغلق اللواء إيلي زاعيرا -رئيس شعبة المخابرات العسكرية الإسرائيلي- الراديو، وبدا في حالة إعياء شديد، وهو يسمع نبأ إقالته من منصبه من الراديو، ولم يكلّف أحد من المسئولين الإسرائيليين نفسه لأن يتصل به ويخبره بالقرار قبل أن يسمعه كأي أحد من خلال نشرة الأخبار.
هل أصبحت كبش فداء لهزيمة جيشنا الإسرائيلي أمام المصريين؟!
بهذا سأل زاعيرا نفسه بصوت عالٍ، وهو يهم بالخروج مندفعا من مكتبه بجهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلية..
تظاهرات واسعة من اليهود في شوارع تل أبيب: "تسقط تسقط جولدا مائير"، "يسقط يسقط موشيه ديان"..
كل الإسرائيليين تأكّدوا من أن المسئولين المقالين من مناصبهم كانوا كبش فداء لهزيمة الجيش الإسرائيلي الساحقة في حرب أكتوبر 1973، وأن مسئولين سياسيين كبارا مثل جولدا مائير رئيسة الوزراء الإسرائيلية وصاحبة قرار السلم والحرب في إسرائيل وهي أيضا القائد الأعلى للقوات المسلحة الإسرائيلية، وكذا موشيه ديان وزير الدفاع، والقائد العام للقوات الإسرائيلية لم يرد اسماهما بالتحقيقات، ولم يصدر ضدهما أي إجراء حتى ولو مجرد توبيخ لهما باعتبارهما المسئولين عن حرب أكتوبر.
لهذا السبب؛ خرج الإسرائيليون في تظاهرات ضد قرارات المحكمة، وطالبوا بإقالة جولدا مائير وموشيه دايان..
وبعد ضغوط شديدة، قرر جولدا مائير وموشيه دايان الاستقالة من منصبيهما..
ولكن.. كان مترسخا لدى الإسرائيليين أيضا أن إيلي زاعيرا -رئيس شعبة المخابرات الإسرائيلية- هو السبب الرئيسي في هزيمة الجيش الإسرائيلي في أكتوبر، فلو أنه كان متمكّنا من عمله وأخبر جولدا مائير وموشيه دايان بأن الجيش المصري سيشنّ الحرب على القوات الإسرائيلية في سيناء يوم السادس من أكتوبر، لكانت جولدا مائير وموشيه دايان قد استعدّا بجيشهما لملاقاة المصريين، وتدمير الطائرات العسكرية المصرية في مطاراتها قبل أن تهب بعواصفها على سيناء لتدمّر البنية التحتية العسكرية الإسرائيلية في سيناء تماما، وتشلّ حركة وتفكير قادة الجيش الإسرائيلي وتصيبه بخيبة الهزيمة..
يجلس إيلي زاعيرا -الرجل المخابراتي الإسرائيلي الأول المُقال من منصبه- في مكتبه بمنزله، مطأطأ الرأس، يُفكّر كيف يواجه الإسرائيليين وهو على قناعة بأنه هو السبب في الهزيمة، وهاتف منزله لا يصمت، فهذا يُواسيه في مصيبته ويعرب عن أسفه لإقالته من منصبه، وهذا يقدّم له عرضا للعمل بأجر خيالي في إحدى الشركات الخاصة، وتارة يتصل به صاحب بنك مرموق في إسرائيل يطلب من زاعيرا أن يتولى إدارته، باعتباره يملك كل المعلومات الاقتصادية في إسرائيل لطبيعة عمله المقال منه، وهذا صاحب مصنع أو شركة كبيرة يطلب منه أن يتولى إدارته، وكان رد زاعيرا واحد على كل هؤلاء وهو الشكر ثم الرفض.
كيف أواجه الشعب الإسرائيلي وهو ينظر إليّ بنظرة احتقار، ويعتبرني أنني المتسبّب في موت الجنود والضباط الإسرائيليين في حرب أكتوبر؟ هل أخون عملي في المخابرات وأفضح أسرار الجيش الإسرائيلي؟ هل أخبر الشعب أن جولدا مائير كان لديها علم مسبق بأن المصريين كانوا يجهزون للحرب لتحرير سيناء ولكنها لم تفعل شيئا؟
كانت تلك الأسئلة وغيرها تتردّد في ذهن زاعيرا، ولكن تذكر ما تعلمه في المخابرات، فالمعلومات والأحداث التي لدى أجهزة المخابرات لا يمكن الكشف عنها إلا بعد مرور 20 عاما على وقوعها، وحتى بعد مرور هذه السنوات لا يتم الكشف عن كل الأسرار، فهناك معلومات تتعلّق بالأمن القومي لا يمكن الكشف عنها مهما مرت عشرات السنين..
وتحديدا في عام 1996..
قرّر زاعيرا كشف أسرار الحرب..
أمسك بقلمه.. وبدأ يسطر مذكراته أثناء عمله في جهاز المخابرات..
عصف ذهنه كي يتذكّر كل دقيقة مرت عليه منذ انتصار الجيش الإسرائيلي في 1967 واحتلال سيناء، وحتى هزيمته الساحقة أمام المصريين عام 1973، وما كان بين ذلك من فشل في إدارة شئون القوات المسلحة من قبل جولدا مائير وموشيه دايان، وأمامه على مكتبه مئات الوثائق التي تثبت صحة كلامه.
ورجع بالذاكرة سنين طويلة حتى تذكّر تفاصيل أحداث عام 1970..
كان الجيش الإسرائيلي يحتلّ كل سيناء، ويقوم بهجمات على معاقل الجيش المصري في الإسماعيلية والسويس على الضفة الأخرى من قناة السويس.
وحينها لم يكن قد تمّ تعيينه بعدُ رئيسا لجهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلية؛ فقد كان في ذلك الوقت الملحق العسكري في السفارة الإسرائيلية بالولايات المتحدة الأمريكية.
وفي ذلك الوقت كان لديه يقين بأن المصريين لن يتركوا أرضهم..
سيُضحّون بالغالي والنفيس لاسترداد سيناء..
يحملون أرواحهم على أيديهم..
تتفطّر قلوبهم في كل دقيقة تمرّ عليهم والإسرائيليون يرتعون في بلادهم..
وفي ذلك العام تحديدا..
اكتشف المفاجأة..
إنها خديعة المصريين الكبرى..
عندما حوّلوا الخشب إلى صواريخ!!
ونكمل في الحلقة القادمة أسرار حرب أكتوبر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.