تسبب الفنان عمر الشريف في إحداث بلبلة وحيرة سياسية وتاريخية بين عدد من الوزراء والقادة السياسيين والمؤرخين بمصر حول تصريحاته التي أدلى بها مؤخراً لعدد من الصحف بأن الرئيس الراحل أنور السادات استعان به ليجري اتصالاً سرياً مع الجانب الإسرائيلي خاصة مناحم بيجين ليمهد لزيارة القدس تلك الزيارة التي قام بها السادات عام 1977م.
تصريحات الشريف التي احتفظ بها لأكثر من 29 عاماً أثارت خلافات بين قادة العمل السياسي إبان تلك الفترة وعدد من المؤرخين فقال الدكتور بطرس غالي الذي كان يشغل وزير الخارجية وقتها إنه ليس لديه أي معلومات تؤكد مصداقية تصريحات عمر الشريف وقال إنه أول من فوجئ بإعلان الرئيس السادات لمبادرته بزيارته القدس وأضاف أن هذا لا ينفي وجود قنوات اتصال سرية بين مصر وإسرائيل في هذه الفترة الزمنية سواء عمر الشريف أم لا، فيما أكد أحمد ماهر وزير الخارجية السابق أن رواية الشريف تحتاج لامتلاك وثائق ومستندات وهو ما لا يتوافر حتى الآن.
وأكد السفير محمد بسيوني سفير مصر في إسرائيل سابقاً إذا كان عمر الشريف قال ذلك فقد صدق لأن الرئيس السادات كان يؤمن بأهمية القنوات غير الرسمية في تمهيد السبل أمام المسؤولين وكان يلجأ لوسائل بعيدة عن الأذهان في ذلك الوقت وذكر بسيوني موقفا مشابها قام به الفنان محمد نوح في نهاية السبعينات عندما ألقى به السادات وكلفه بالذهاب إلى سيناء المحتلة لإقامة بعض الحفلات الغنائية والاتصال بأهالي المنطقة من المصريين بهدف التمهيد بأغانيه الوطنية لعودة القوات المصرية لمدينة العريش بعد خروج الإسرائيليين منها.
أما المؤرخ الدكتور رؤوف عباس فيقول إن هذه الواقعة قد تكون حقيقية لأن السياسيين يلجأون إلى الاتصالات السرية باستخدام أطراف غير رسمية لتجنب الحرج أمام شعوبهم وإذا أذاع أحد طرفي التفاوض أخبار وتفاصيل تلك اللقاءات يرد الطرف الآخر بأنه لا صلة للمسؤولين به ويرى عباس أن ترشيح الفنان عمر الشريف لإجراء تلك الاتصالات ربما يرجع لأصوله اليهودية ونجاحاته في السينما العالمية وإقامته الطويلة بباريس مما أتاح له تكوين شبكة من العلاقات مع السياسيين من الطرفين المصري والإسرائيلي.
ويقول الدكتور عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ الحديث لا أستبعد قيام عمر الشريف بإجراء مثل هذه الاتصالات التي ليست جديدة في عرف السياسيين فأمريكا استخدمت الفيلسوف المشهور برتراند راسل والممثل رونالد ريجان الذي أصبح رئيساً للولايات المتحدة فيما يعد والمخرج داريك زارتك وأن الرئيس السادات استعان أيضاً بفنانين أجانب في الاتصالات السرية مع إسرائيل مثل المغني الأمريكي فرانك سيناترا الذي استضافته مصر عام 1979 لإحياء إحدى الحفلات الفنية وكذلك المغني الإسباني فيولو. أما عن أسباب تصريحات عمر الشريف بعد مرور كل هذه الفترة فقد أكد العديد بأن ذلك ربما يعود لرغبته في إعادة تركيز الأضواء عليه من جديد وأنه لم يجد موضوعات جذابة وأكثر إثارة فلجأ إلى إثارة هذه القضية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.